الساحات… السلاح الأمضى …دعوة لمزيد من التحشيد،مع الحفاظ على خطاب توافقي،لا عنصرية فيه ولا إساءة لأحد بمن فيهم بسطاء الشمال
الجماهير في الساحات ليست مجرد ورقة ضغط سياسية فحسب، بل أيضا تمثل السلاح الأمضى في المعركة السياسية والإعلامية التي تخوضها القضية الجنوبية منذ انطلاق ثورتها.…وهاهي تعود ثانية لتلعب ذات الدور الذي لعبته في السنين الخواليا، ولكن بظروف أفضل مما كانت عليه.
المجلس الانتقالي الجنوبي الذي دعا قبل أيام للاعتصام في الساحات بعموم المحافظات وتجاوب معه الكثيرون، كان قد أدار ظهره لسلاح الشارع الجنوبي طيلة السنوات التي تلت تأسيسه، وتحديدا بعد انخراطه بالشراكة السياسية الحاكمة، ظنا منه أن شمس الساحات قد غربت شمسه الى الأبد، ولكن الايام اثبتت ان صوت الشعوب هي الملاذ الأول والأخير لكل سياسي ،مهما اعتقد انه قد صار له ريش وأجنحة.
ولأن كل وسائل النضال - بما فيها الوسائل التي يعتقد البعض بأنها تافهة قديمة عفا عليها الزمن - يجب أن تكون موجودة بجراب القوى النضالية.. فلا يمكن الاستغناء عنها أو التقليل والاستهزاء بها بكل الظروف.
اليوم وإن كان الوضع العسكري والجماهيري على الأرض في أفضل حالاته الى حد كبير نسبيا بمعظم مناطق الجنوب إلّا أن المعركة السياسية ما تزال صعبة، وليلها لا يزال قاتما جدا، وهي كعب أخيل الجنوب.. فالتمنع الإقليمي تجاه المشروع الجنوبي في أوج حالاته وأشد ضراوته، يتطلب معه تفعيل وحشد كل وسائل المعارك السياسية ومنها الجماهيرية.
ف هتافات الساحة وإن بدت للبعض مجرد صوت ضائع في صحراء لا صدى له ولا تأثير لدى سمع انظمة الحكم بدول الإقليم التي لا تأبه بإرادة الشعوب، إلا ان هذا الصوت المدوي في عدن وحضرموت والمهرة وغيرها من المحافظات له صداه المسموع وأثره الكبير عند دول العالم الغربي -والشرقي أيضا- وبالذات العظمى، الصانعة لمعظم التحولات بالشرق الاوسط . فهذا الغرب سواء على المستوى الرسمي الحكومي أو الغير حكومي يرصد كل حركات وسكنات ما يجري بالمنطقة ويأخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ قراراته،وهو أي الغرب كما نعلم من يحرك أحجار رقعة الشطرنج باروقة الأنظمة الحاكمة بالمنطقة العربية والخليجية تحديدا والتي نعتقد أنها هي فقط من تتحكم بمناطق ودول الصراعات وهي فقط من تحدد وحدها كيف تصير ومن يحكم.، فهي دول بقدر ما تتحكم بمن هم أقل شأنا وأضعف حالاً منها، هناك من يتحكم بها بالمثل.
وعلى ما تقدم فتفعيل زخم الساحات وحشد الجماهير مهم للغاية بظروف صارت فيه القضية الجنوبية في أخطر منعطف على الإطلاق برغم ما تحقق مؤخرا ، ومهمة هذا التحشيد مناط بالجميع، وليس بالمجلس الانتقالي الجنوبي وحده ، فالقضية الجنوبية قضية كل الشعب، والساحات يجب أن تذوب فيها كل التيارات وكل الفئات الشعبية والسياسية والحزبية، وتتناسى في حضرتها كل التباينات،وترفع فيها منسوب الكم الجماهيري، والنوع النخبوي، رجالًا ونساء ،شباب وكهولا،مع الحفاظ على خطابات وشعارات توافقية خالية من مفردات الإقصاء والعنصرية ومن شعارات الإساءة للغير بمن فيهم بسطاء الشمال.