مع التدهور المستمر في كافة الخدمات الأساسية .. من ينقذ اليمن من كارثة إقتصادية وإنسانية قادمة؟
صوت عدن/ وكالات :
مع مرور الوقت تزداد حدة الأزمة الاقتصادية في مناطق الشرعية باليمن تنوعت الأزمات بين الرواتب والخدمات الأساسية وبين الماء والكهرباء والوقود ومستلزمات الحياة ، فرغم التصريحات الحكومية والدعم الخارجي تزداد الأوضاع سوءا بعد الشرارة التي اندلعت مؤخرا بين أنصار الله والولايات المتحدة الأمريكية.
حالة التدهور والانهيار الاقتصادي المتوالي والذي أثر بشكل كبير على الحياة اليومية وتدني الخدمات وانهيار العملة وارتفاع الأسعار لكافة السلع والخدمات بصورة غير مسبوقة أصبح يمثل تهديدا للحياة السياسية وهيكل الدولة بشكل عام.
ففي ظل التضخم الكبير والأزمة الاقتصادية الخانقة .. كيف تعيش المناطق التي تسيطر عليها الشرعية اليمنية؟
بداية يقول المحلل السياسي اليمني الجنوبي أنور التميمي : "إن سيطرة الحوثيين على موارد الدولة بعد أن وضع يده على البنك المركزي في صنعاء وعلى المؤسسات الإيرادية وحالة الحرب المستمرة ، كل هذه الأسباب أدت إلى أزمة اقتصادية خانقة تعيشها كل مناطق الجمهورية اليمنية سواء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (أنصار الله) أو الخاضعة لسيطرة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا".
أزمة خانقة:
وأضاف في حديثه لوكالة "سبوتنيك" : "لقد ظلت مناطق سيطرة الشرعية تعيش ظروفا اقتصادية أفضل مقارنة بالمناطق الخاضعة للحوثيين بفضل تصدير كميات محدودة من النفط الخام من حضرموت وشبوة وهو الأمر الذي كان يسهم في توفير موارد لبعض المشاريع الخدمية البسيطة ويسهم في توفير جزء من بند المرتبات للجهاز الإداري الحكومي لكن حتى هذا المورد توقف بسبب قصف الحوثيين لمنشآت التصدير في حضرموت".
وتابع التميمي : "في الوقت الحالي تعيش مناطق سيطرة الشرعية أوضاعا اقتصادية صعبة جدا لكنها تُشكل حالة أفضل من مناطق سيطرة الحوثيين ، المناطق المحررة رغم هذه الظروف ما زالت جاذبة لملايين المواطنين من الشمال حيث بلغ عدد النازحين والباحثين عن فرص عمل وحياة أفضل من مناطق الشمال إلى مناطق سيطرة الشرعية أكثر من 4 ملايين نازح وباحث عن العمل ، الاستقرار الأمني النسبي وحرية التنقل والسفر في مناطق سيطرة الشرعية ، وكذا الدعم والإسناد الخليجي ، هذه العوامل مجتمعة خففت من حدة الأزمة الاقتصادية وبدونها الأوضاع مرشحة للوصول إلى المجاعة الحقيقية".
وأشار التميمي: "إلى أن الوضع الراهن بعد توقف صادرات النفط أصبحت الحكومة الشرعية اليوم تعتمد على الدعم الخليجي في توفير الخدمات وتعزيز العملة الوطنية وتوفير السيولة من العملة الصعبة لاستيراد السلع الأساسية إضافة إلى ما تقوم به الأذرع الإنسانية الخليجية مثل الهلال الأحمر الإماراتي من تدخلات مباشرة في قطاعات الصحة والتعليم".
ناقوس الخطر:
من جانبه يقول الباحث والمحلل الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي : "إن وقف تصدير النفط للعام الثالث على التوالي نتيجة الهجمات الحوثية التي استهدفت البنية التحتية والمنشآت الحيوية يمثّل السبب الجوهري للأزمة التمويلية الراهنة ، لكن المعضلة الحقيقية تكمن في عجز الحكومة عن إيجاد بدائل استراتيجية أو حتى إدارة الأزمة بما يحافظ على الحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي ، لا يوجد اقتصاد في العالم يمكنه الصمود أمام انقطاع مصدر تمويله الرئيسي دون خطة طوارئ ، دون ترشيد الإنفاق ، دون إعادة هيكلة للموارد ، ودون مواجهة حقيقية للفجوات المؤسسية والفساد البنيوي ، ما حدث ويحدث هو العكس تمامًا".
وأشار في حديثه لوكالة "سبوتنيك" : "أن الوضع بلغ مستويات كارثية لا تسمح بمزيد من الوقت الضائع ، الرواتب متوقفة في معظم القطاعات ، والتضخم آخذ في الاتساع ، والعملة المحلية تواصل انهيارها أمام الدولار ، وسط فقدان تام للثقة في قدرة الحكومة على ضبط السوق أو توفير أبسط الاحتياجات الأساسية ، الاحتياطي الأجنبي في تراجع ومخزون الغذاء والدواء في المناطق الحكومية يواجه تحديات استيرادية كبيرة".
وتابع الفودعي: "أضف إلى ما سبق توقف المشاريع التنموية وتآكل البنية التحتية التي لم تعرف الصيانة منذ سنوات ، كل ذلك يجري في ظل حكومة لا تمتلك موارد سيادية مستدامة وتعتمد بشكل شبه كامل على المنح والمساعدات التي باتت مشروطة ومحدودة ، أو على الودائع الخليجية التي تقتصر على تغطية الواردات الأساسية دون أن تنعكس على الشارع اليمني".
مفترق طرق:
وأضاف الباحث الاقتصادي: "المطلوب اليوم تحرك جاد لمعالجة جذرية للسبب الرئيسي للأزمة وهو توقف تصدير النفط ، وإذا كانت الحكومة عاجزة عن تأمين المنشآت النفطية أو استئناف التصدير من الحقول الشرقية فعليها التفكير في حلول بديلة وطارئة تعيد للدولة جزءًا من قدرتها التمويلية ، كما ينبغي الاتجاه نحو تحسين التحصيل المحلي وتقليص فاتورة النفقات التشغيلية غير الضرورية وترشيد التوظيف الإداري السياسي وتفعيل دور البنك المركزي بما يتجاوز دوره الشكلي في الرقابة على السوق المصرفية".
وأوضح الفودعي: "أن اليمن اليوم على مفترق طرق خطير ولم يعد في مقدور الحكومة تبرير العجز والجمود بذرائع الحصار أو العدوان الحوثي أو الوضع الإنساني ، لقد استنزف الداخل وتآكلت الثقة ، وأي تأخير في تبني حل مستدام قد يفضي إلى انهيار كلي يضع نهاية لمفهوم الدولة والمؤسسة بشكل لا رجعة فيه ، الواقع يفرض على القيادة السياسية أن تغادر مربع التطمينات النظرية والتحركات البروتوكولية وأن تتجه فورًا إلى إدارة الأزمة بعقل الدولة لا بمنطق الرحلات ، فالتاريخ لا يرحم والشارع لا ينسى والاقتصاد لا ينتظر".
الدعم الإماراتي:
بدوره يقول الإعلامي الجنوبي سعيد بن ماجد : "إن الوضع الاقتصادي صعب بسبب تدهور العملة اليمنية أمام العملات الأجنبية ولولا الدعم الخارجي وخاصة من دولة الإمارات لوصلت الأمور إلى مراحل أكثر خطورة ، فقد ساهمت أبوظبي في إعادة تأهيل المدارس والكهرباء والموانئ والمطارات والمستشفيات والمراكز الصحية وساهمت في توفير المياه الصالحة للشرب ، علاوة على تأهيل وتدريب الكادر الشبابي في كل القطاعات الخدمية".
وأضاف في حديثه لوكالة "سبوتنيك" : "تنوعت المساعدات الخارجية التي ساهمت في عدم الانهيار الكلي للاقتصاد ما بين منح بإنشاء مطارات داخلية تستقبل الرحلات من الداخل والخارج كما في أرخبيل سقطرى ، إضافة إلى محطات تحلية المياه وتوفير المساكن ودعم القطاع التعليمي بها من الجانب الإماراتي عبر إنشاء جامعة ومعهد مهني ومنح دراسية للخارج وإعادة تأهيل المدارس والمعاهد التعليمية في الجزيرة بجانب تطوير قطاع الصيد والزراعة وتمويل مشاريع للأسر المنتجة والكهرباء والمشتقات النفطية".
الحياة اليومية:
أما الشيخ غانم سعيدأحد وجهاء القبائل في الجنوب يقول : "إن الأزمة التي يعاني منها الجنوب كبيرة جدا خاصة في متطلبات الحياة اليومية ، لكن الدعم من الأشقاء في الخليج أسهم في تخفيف حدة الأزمة في العديد من المناطق حيث قدمت الإمارات العربية الكثير في العديد من المجالات الإنسانية والخدمية في عدد من محافظات الجنوب".
وأضاف في حديثه لوكالة "سبوتنيك" : "أزمة الاقتصاد في اليمن ليست أزمة موارد إنما سوء إدارة وتنظيم ورؤية مستقبلية وهو الذي أوصلنا لما تعانيه غالبية المحافظات المحررة في الجنوب من تدهور في كافة مناحي الحياة سواء كانت الإنسانية أو الخدمية ، وشهد جزر أرخبيل سقطرى على سبيل المثال نقلة نوعية بعد تقديم أبوظبي الكثير من الحلول للأزمات المتنوعة وخاصة في مجال الطاقة الكهربائية وأنشأت أكثر من 6 محطات لتوليد الكهرباء علاوة على محطة كبيرة تعمل بالطاقة الشمسية وجميعها بالمجان لأهالي الأرخبيل".
وأشار سعيد: إلى أن"الأزمة الحقيقية في الإدارة والتخبط وعدم الوعي والخوف على مستقبل البلاد ، علاوة على أن المناطق التي يتم إدارتها بصورة جيدة لا نقول انتهت المعاناة منها بشكل كامل إنما تقل كثيرا عن باقي المناطق رغم أنها منعزلة عن اليابسة وتفصلها مئات الكيلومترات عن العاصمة المؤقتة عدن".