الرئيس علي ناصر محمد يشارك في القاهرة بلقاء يوليو الفكري الثالث بمناسبة الذكرى 73 لثورة 23 يوليو
صوت عدن/القاهرة/خاص:
حيا الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد مقاومة غزة والضفة الغربية التي للأسف لم تجد حتى الآن حاضنة عربية رسمية وشعبية تساندها بفاعلية .. مؤكد ثقته الراسخة بأن النصر سيكون حليف شعب فلسطين وأن حقه المقدس في التحرير والدولة سيتحقق.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقاء يوليو الفكري الثالث بمناسبة الذكرى 73 لثورة 23 يوليو الذي عُقد تحت شعار "نداء الحاضر والمستقبل" الذي عقد في مقر نقابة الصحفيين المصريين بالعاصمة المصرية القاهرة.
واضاف : تمرّ علينا الذكرى الثالثة والسبعون لثورة 23 يوليو 1952، والأمة العربية، وكل أنصار الحرية والعدالة والسلام في العالم، يشاهدون يوميًا – بمرارة وغضب وتأنيب ضمير – المذابح في غزة، وعمليات التطهير العرقي، وفخ المساعدات الأمريكية المسماة بـ"الإنسانية"، التي تحوّلت إلى الوجه الثاني لحرب الإبادة الجماعية، ومصائد للقتل العمد .. فيما يلي نص الكلمة:
السيدات والسادة الحضور الكرام،
أيها الأحرار في كل أرض عربية،
نجتمع اليوم في حضرة تاريخٍ ناصعٍ ومضيء، لا يزال صالحًا للحاضر والمستقبل، في ضيافة ثورة 23 يوليو المجيدة، لا لنستذكر إنجازاتها فحسب، بل لنجعل منها منارةً دائمة تُضيء لنا الدروب المعتمة – وما أكثرها في واقعنا – ونُكمل المسيرة التي رسمها قائدها الخالد جمال عبد الناصر، وساندتها جماهير الأمة العربية.
تمرّ علينا الذكرى الثالثة والسبعون لثورة 23 يوليو 1952، والأمة العربية، وكل أنصار الحرية والعدالة والسلام في العالم، يشاهدون يوميًا – بمرارة وغضب وتأنيب ضمير – المذابح في غزة، وعمليات التطهير العرقي، وفخ المساعدات الأمريكية المسماة بـ"الإنسانية"، التي تحوّلت إلى الوجه الثاني لحرب الإبادة الجماعية، ومصائد للقتل العمد.
وبلغ عدد الشهداء أكثر من 59 ألف شهيد، و124 ألف جريح، وأكثر من 11 ألف مفقود، معظمهم من النساء والأطفال. وأصبحت الحياة في غزة شبه مستحيلة بسبب انعدام أبسط مقومات الحياة من غذاء وماء ودواء وطاقة وأمان.
وقد كان من أبرز أسباب قيام ثورة يوليو المجيدة الردّ على نكبة فلسطين عام 1948، ومنذ ذلك الحين والمأساة الفلسطينية مستمرة الى يومنا هذا، مأساة لا نظير لها في التاريخ الحديث، حيث تواصل إسرائيل انتهاك القوانين والأعراف الدولية والإنسانية والدينية، بدعم غير محدود من الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية.
أيها الحفل الكريم،
لقد شكّلت ثورة يوليو استجابة شجاعة لتطلعات جماهير مصر أولًا، ثم الأمة العربية، في مواجهة تحديات عصرها، وفي مقدمتها الاستعمار، الذي كان يحتل جزءًا غاليًا من مصر، وكل السودان، ومعظم ما يُعرف اليوم بدول الخليج العربي، والجنوب اليمني، والجزائر، ومعظم أفريقيا.
واستطاعت الثورة تحقيق إنجازات كبرى على الصعيدين الداخلي والخارجي، فقد حوّلت مصر إلى بلد صناعي، ووسّعت دائرة التعليم المجاني في الريف والمدينة، للذكور والإناث على حدّ سواء، وأرست نظامًا صحيًا مجانيًا، وأعلت من شأن القومية العربية، باستقطابها الجماهير من المحيط إلى الخليج. وقد مثّلت قيادة الرئيس جمال عبد الناصر لتلك المرحلة علامة فارقة في مسار حركات التحرّر الوطني العربي. لذلك، جرى استهدافه واستهداف ثورته مبكرًا، كما حصل في العدوان الثلاثي عام 1956، وعدوان 5 يونيو 1967، في محاولة لعرقلة مسيرتها. وكان هدف إسرائيل والقوى الإمبريالية تعطيل التنمية، واستنزاف قدرات البلاد، ودفعها نحو التسلح بدلًا من البناء الداخلي، وإضعاف الجبهة الوطنية تمهيدًا للتفكيك، وهي ذات الأهداف التي ما زالت تستخدمها ضد الدول العربية حتى اليوم، ولكن بأشكال مختلفة.
لقد شهدت العقود الأخيرة صراعات دامية وتقسيمية لم يكن أحد يتصور حدوثها في بلداننا العربية، في اليمن والصومال والسودان والعراق ولبنان وسوريا وليبيا وفلسطين؛ وعلينا اليوم أن نواجه هذه الحقائق المؤلمة بشجاعة، وألا نسمح بتكرارها، مستلهمين من التجربة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث لا ازدهار من دون استقرار، ولا كرامة مع التبعية والوصاية الخارجية.
إن أمتنا، ذات التاريخ المشترك والمصير الواحد – وهي من ثوابت الفكر الناصري التي لا تبلى – بحاجة إلى مشروع نهضوي لا يستنسخ تجارب الآخرين، بل يبتكر مشروعًا قطريًا وقوميًا ينبع من حاجات الناس، ويعتمد على الإمكانيات الذاتية.
إن المشروع النهضوي العربي الذي ندعو إليه، يقوم على التحرر السياسي والاستقلال الاقتصادي، ضمن تنسيق وتكامل عربي يبدأ من الحد الأدنى ويصل إلى أقصاه، عبر إطلاق طاقات الجماهير، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان العيش الكريم. كل ذلك باستلهام تراثنا العربي والإسلامي الإيجابي، وبما ينسجم مع العصر ومتطلبات التطور العالمي.
فلنجعل من هذه المناسبة فرصة لمراجعة تجاربنا، وإعادة قراءة المرحلة الراهنة، لبناء استراتيجية عربية جديدة، واقعية، تستند إلى المتغيرات، وتتطلب التفاهم والتعاون بين كل القوى الوطنية العربية، لإنجاز المشروع النهضوي، ولو طال الزمن.
وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نحيي مقاومة غزة والضفة الغربية، التي للأسف لم تجد حتى الآن حاضنة عربية رسمية وشعبية تساندها بفاعلية. ولكننا على ثقة راسخة بأن النصر سيكون حليف شعب فلسطين، وأن حقه المقدس في التحرير والدولة سيتحقق.
عاشت ثورة 23 يوليو،
عاشت المقاومة الفلسطينية واللبنانية،
وعاش نضال الشعب العربي من أجل الكرامة والسلام،
ويدًا بيد مع الشعب الفلسطيني من أجل حقه في تقرير المصير، وإقامة دولته الوطنية المستقلة على أرضه، وعاصمتها القدس.